لماذا تحدث الحروب؟
لماذا تحدث الحروب؟
الحروب هي اللعنة الكبرى على البشرية وجميع مخلوقات الأرض. فمنذ فجر
التاريخ والحروب تستعر نيرانها والتي لا تنطفئ إلا وقد أفنت الحرث والنسل, ومن
يسلم منها يكون إما مشوها أو مشردا أو لاجئا في أرضِ لا يعلم كيف وصل إليها وما هو
المصير الذي سوف يلقاه فيها..
يتساءل المرء دائما لماذا تحدث الحروب؟ لماذا هذه الوحشية الكبرى؟
لماذا وسائل الإعلام مليئة بصور الأطفال والنساء والشيوخ والفاجعة تملأ عيونهم من
هول ما رأوه! لم يكن هذا السؤال جديدا علي حيث سبق أن درسته في إحدى مواد علم
السياسة إبان الدراسة الجامعية في أمريكا, ولكنه عاد يوشوش في رأسي المضطرب
والمنهك بالأفكار وأنا مستلقي على سريري في ليلةٍ ليلاء في بيتنا الذي لا يبعد سوى
بضعة كيلو مترات من الشريط الحدودي مع اليمن في منطقة نجران...
في تلك الليلة لم تهدأ هدير المدافع حتى ساعات الصباح الأولى. كان
صوتها مدويا لدرجة تسمع تراقص النوافذ مع كل قذيفة يتم إطلاقها. كنت في بداية تلك
الليلة قد قررت أن أحصي كم من قذيفة سيتم إطلاقها في الساعة! وما إن بدأت في العد
ومع تفاوت حدة الأصوات من منخفضة إلى مدوية حتى داهمني هذا السؤال مرة أخرى
"لماذا تحدث الحروب؟
عندها قفزت من السرير وقد كنت مضطربا مع تزايد وتيرة أصوات المدافع وقد
قررت كتابة هذه التدوينة لشرح أسباب هذه
الحروب والصراعات في العالم. وعند النظر في الحروب الدائرة الآن في العالم, نجد أن
لكل حرب أسبابها والتي تختلف عن الحروب الأخرى, لذلك سوف أشرح باختصار أسباب
الحروب:
حروب الموارد الطبيعية:
يعد هذا من أشهر أسباب
الحروب في العصر الحديث ولعل أهم مورد يتم الاقتتال عليه الآن هو النفط, وعند
الحديث عن النفط لابد من تذكر حرب أمريكا في الشرق الأوسط ومحاولتها بسط هيمنتها
على أهم منابع النفط في العالم. كذلك المياه ستكون أحد أهم أسباب الحروب في العصر
الحالي ولعلنا نستذكر التوتر بين دول المصب في نهر النيل بعد أن قررت إثيوبيا بناء
سد النهضة وما سيصاحبه من تقليل موارد مصر من المياه وكذلك السودان.
الحروب الوقائية أو الأمن القومي:
عند صعود أحد الأحزاب لسدة الحكم في أحد الدول, قد يكون لدى دول
الجوار بعض التحفظات على هذا الحزب لما يراه تهديدا لأمنه القومي بناء على الأجندة
المعلنة للحزب والتي تتعارض مع تلك الدول أو ربما لتحالفهم مع دول تكون من ضمن
الدول المعادية والتي تهدد مصالح الدولة, حينها تكون هذا النوع من الحرب لا مناص
منه. ولعل أكبر مثال على هذا النوع هو الحرب الحالية في اليمن. فبعد سطو ميليشيا
الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن ولما يحمله الحوثي من ولاء لحكومة إيران والتي
تعتبر العدو الأول لدول الخليج كان لابد من "عاصفة الحزم" وذلك لإعادة
الشرعية و لوأد الأطماع الإيرانية في المنطقة.
الحروب العرقية والأهلية:
يعد هذا النوع من الحروب من أبشع أنواع الحروب. وتحدث غالبا في دوال
العالم الثالث, فقد تكون الحكومة نفسها طرفا في النزاع بعد أن ترفع الجماعات
السلاح نتيجة للاستبداد والظلم ورفضهم ما تمليه عليهم الحكومة, وتسمى هذه في
الغالب "الحرب الأهلية". في حين تتكون بعض المجتمعات من أعراق وأديان
مختلفة وفي ظل انعدام المساواة والعدالة بينهم يكون صوت الرصاص هو الفيصل. ومن
الأمثلة لهذا النوع نجد الحرب اليوغسلافية, والحرب في الشيشان وكذلك في دارفور ولا
ننسى الحرب الحالية في سوريا. ولعلي هنا أضع الصراع العربي الإسرائيلي في هذه
القائمة لما حدث للشعب الفلسطيني من تهجير وتطهير بناء على الهوية العربية في حين
يتم إحلال اليهود من كافة أصقاع الأرض مكانهم!
حروب الثأر والأسباب الشخصية:
قد يخيل للقارئ العزيز بأن هذا النوع من الحروب لم يكن إلا في أيام
جاهلية العرب عندما كانت تحدث الحروب الطاحنة بين القبائل العربية لأخذ الثأر في
ناقة ذبحتها القبيلة الأخرى أو لبيت شعر قاله شاعر وقد أحط من شأن القبيلة
المعادية. إلا أنه مازال من الأسباب في الحروب الدائرة في وقتنا الحالي. وهنا أذكر
سبب من أسباب حرب الخليج الثانية عندما أغار صدام حسين بجيوشه على الكويت فقد كان
أحد الأسباب من وجهة نظر صدام حسين الثأر من الكويت عندما رفعت من إنتاجها النفطي
مما سبب في تضخم السوق وإنخفاض أسعار النفط حينها, مما أدى إلى انخفاض دخل العراق
ونتيجة لذلك وغيرها الكثير من الأسباب كانت الحرب الغاشمة على دولة الكويت. وبما
أن الحديث مازال عن الثأر فلابد من ذكر ماقاله الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش
الإبن عندما كان يبحث المبررات قبل غزو العراق عام 2003 فقد قال أمام حشد من
المقربين له بأنه يريد الثأر من صدام حسين لأنه كما قال "هذا الرجل أراد قتل
أبي" وقد كان والده جورج بوش الأب زعيم التحالف الدولي في حرب الخليج
الثانية!
يعد ما ذكرته أعلاه أهم أسباب الحروب ولكن يوجد الكثير من الأسباب
الأخرى منها على سبيل المثال الطموح عند الحاكم في التوسع وإضافة أراضي وأقاليم
جديدة للدولة كما كان يحدث في حروب القرون الوسطى وما قبلها وكما فعل هتلر إبان
الحرب العالمية الثانية, ولا ننسى الإشارة إلى الحروب لأسباب دينية كما في الحروب
الصليبية والفتوحات الإسلامية.
في الختام يعتقد الكثير من مناهضي الحروب والداعين إلى السلم بأن
لاسبب يبرر أي حرب تحصد الأرواح والممتلكات وتشرد الشعوب إلا أنها من وجهه نظر رجل
السياسة شرٌ لابد منه.!
مقال مميز ومفيد
ردحذفالتميز في مرورك اخي sad
حذفمقال رائع جدّاً
ردحذفمشكور دكتور حمد
حذفمقال مفيد ولكن لدي سؤال.
ردحذفلماذا يسود السلام في عدد من القارات و التي تعد اكثر مننا طوائف و شعوب و ثروات طبيعية؟
نجحوا في المفاوضات ونحن فشلنا.. التفاهم السياسي لدينا معدوم.
حذف